التشاكل في رواية "ذات" لصنع الله إبراهيم-د.محمد الداهي
رابط الصفحة :www.mohamed-dahi.net/news.php?action=view&id=84
الكاتب: mdahi


 حرر في الإثنين 07-06-2010 07:13 أ•أˆأ‡أچأ‡

 


 لكن طريقة تكديس ذات بالأخبار الصحفية دون استثمارها روائيا على نحو ما اضطلع به عبدالله العروي في رواية الفريق (1986)،هو ما جعل بعض النقاد يشكك في جدواها وفي تساوقها وذرابطها معلبنية الحكائية التي تتناوب معها،ويعتبرها مجرد مادة زائدة.وفي هذا الصدد ،أورد رأي صلاح فضل"...لكن المشكلة الرئيسية التي تمثلها هذه الجذاذات أنها بالرغم من انسجامها في كثير من الأحيان فإنها تظل من وجهة النظر السردية نتفا مشتتة من مئات الحكايات التي لم تتم، يقوم المؤلف بإدخالها في نسيج مقطعي جديد ومصطنع، مما لا يوحي بالثقة ولا يضمن صدق التمثيل الموضوعي للواقع الخارجي...وهذا يعني أنه ليس ثمة رابط عضوي حميم بين فصول السرد والأخبار،بل إن بوسعنا أن نتلاعب في تحريكها بأقصى قدر من الحرية دون أن يمس ذلك جذريا سياق النص أو دلالته الناجمة.وهذا أخطر مظاهر التشتت،لأنه يطعن في بنية النص الدرامية،ويجعله مثل قصيدة الشعر العمودية التي يقوم فيها كل بيت بدوره مستقلا عما يسبقه ويليه من أبيات،ومعنى هذا أن رواية "ذات" لا تقوى على خلق عملية التراتب العضوي بين الأجزاء المكونة لها،بل ترص الفصول والاستشهادات كما يتراءى لها اعتباطا،بحيث لانلمس عملية التنامي الضرورية في السرد ووصوله إلى ذروة أوما يشبهها لابين الأجزاء الخبرية والسردية فحسب،وإنما حتى في صميم تكوين هذه الوحدات ذاتها،مما يجعل الرواية مسطحة، قد لصقت أجزاؤها كيفما اتفق.وامتلأت مساحتها بكمية ضخمة من الأصوات المتنافرة،دون أن تكون لحناً متعدد الإيقاع،اللهم إلا النغم الجنائزي العام"(1).يتضح من خلال هذه القولة أن صلاح فضل يستخدم المعجميات (التنافر والتشتت والاعتباطية) التي تدافع عن أطروحة اللانتظام بدعوى عدم وجود ترابط بين فصول الحكاية وموضوع الجذاذات،ولا يستثني إلا بعض التمفصلات التي تحقق فيها الترابط المتوخى، كما هو الشأن في الفصل السادس الذي رُكز فيه على مشكلة تلوث شواطىء الإسكندرية وفضائح المقاولات وامتلاء الشوارع بالطفح،وجُعل كمقدمة لانتقال ذات إلى الإسكندرية لزيارة رفيقي الدراسة(صفية عباس وعزيز عبد الله).
ومن الأمور التي عمقت الإحساس بأن المواد الصحفية المُضمَنة هي مجرد حشو،هو مبادرة جريدة الاتحاد الاشتراكي بنشر رواية ذات متسلسلة عبر حلقات دون إثباتها،و وتبرر دواعي هذا البتر المقصود لضرورات العمل الصحفي ولضمان تواصل القارئ مع السلسلة المنشورة."ننشر ابتداء من هذا العدد رواية ذات للروائي العربي صنع الله إبراهيم مشيرين إلى أن مؤلف رواية نجمة أغسطس قد ألف روايته الجديدة بناء على تواز بين الحكي والتوثيق المتضمن لإشارات ووقائع من التاريخ المصري الحديث،وتوخياً لتواصل القارىء ولضرورات العمل الصحفي نكتفي بنشر فصول الرواية بدون نشر جانب الإشارات والوقائع"(2).وتجنباً لأي لبس من هذا النوع،أثبت الناشر في صدر الرواية مقطعاً بيَّن فيه أن الغرض من إيراد الوقائع الصحفية ليس هو التأكد من صحتها أو المساس بمن تناولتهم،وإنما عكس الجو الإعلامي العام الذي اكتنف مصائر الشخوص وأثر فيهم.وما يؤاخذ عليه كل من حاول عزل هذه الوقائع عن البناء العام للرواية،هو عدم "الاطلاع على المكتسبات المنهاجية الحديثة التي تسلم بأسبقية الكل على الجزء، والبنية على البعثرة،والوظيفة على العطالة، والنسق على الانتشار"(3)،ففي مجال النسق الدينامي غير السطري،يتولد نظام الجزر عن بحر في حالة العماء(4)،وتوطد هذا الضرب من الأنظمة بفضل "الانتقال من الواقعية المادية (التصور الميكانيكي للذرة) إلى الواقعية الرياضية، أي التفكير في الواقع كله من زاوية انبنائه وانتظامه الرياضي العلائقي" (5)،ونتيجة تقويض المنهجية التحليلية analytique التي تفصل مابين العناصر والمعطيات وتركز اهتمامها على دقة التفاصيل والجزيئيات،والنظرة المقولية التي تفرض حواجز فاصلة طبيعية موجودة مسبقاً،والنزعة الذريةatomisme التي "اعتبرت الذرة مجالا كهرطسيا صغيراً،وعممته على المجال الكوني الكهرطيسي الكبير.ودُعي هذا النموذج الأول بالنموذج الكوني،وواضعه هو العالم الإنجليزي رذرفورد(1871-1837) الذي شبه فيه الذرة بمجموعة شمسية تحتل النواة مركزها،وتسبح الإلكترونات حول النواة مثلما تسبح الكواكب حول الشمس"(6). وللتدليل على طابع الانتظام في النص،ينبغي الانطلاق من التمييز الذي يوضع بين العوامل التي تتدخل على المستوى البنائي الكبير وبين مثيلاتها التي تتدخل على المستوى البنائي الصغير،وهذا ما يُلمعُ إليه بوضع مقابلة بين الإرغامات " الشاملة" و"المحلية"... اثناء التفصيل،يصعب غالبا الفصل بين هذين المستويين،ومع ذلك يبقى التمييز مناسباُ(7).ورغم اختلاف مستويات تحليلنا عن مثيلاتها عند دومنيك مانكونو، فإننا سنجاريه في البدء بمقاربة الظواهر العامة،والانتقال تدريجيا الى الظواهر ذات الطابع البنائي الصغير.ومع ذلك سيتبين أنه يصعب اختزال كليةLa totalité (أوبتعبير كوستلرKoestler شموليةHolos ) النسق إلى أجزاء، بحيث هناك علاقة جدلية بين الكل ولأجزاء،وهذا ما عبره عنه باسكالPascal بقوله:" يصعب في نظري معرفة الأجزاء دون معرفة الكل،والعكس صحيح يصعب معرفة الكل دون معرفة الأجزاء"(8).كما يستتبع الكل بوصفه شكلا شاملا ظهور المميزات البارزة التي لا تتوفر عليها إلا الأجزاء(9).وليس قولنا بدْعاً إذا قلنا أن ذات تتشيد على صرح الانتظام والاتصال والتضام،وتند عن العماء والانفصال واللانظام، وهذا ما يقتضي التعامل معها كنسق يتكون "من مجموعة من العناصر أو الأجزاء التي يترابط بعضها ببعض حسب مبدأ مميز"(10)، أو بعبارة أخرى يعتبر" جماعاً من العناصر التي تندغم في تفاعل دينامي لتحقيق هدف ما"(11).وبما أننا سنركز على التفاعل بوصفه عنصرا أساسيا للتنظيم ،وعاملا مساعدا على تعالق وتكامل وانتظام البنيتين السرديتين المتناوبتين،فالأمر يقتضي توضيح المقصود به."ليس التفاعل مفهوما صادرا عن "الحس المشترك"،بل يمثل وصول الكائنات البشرية إلى تفكير متطور جداً نتيجة ما بذلته من مجهودات متواصلة لمعالجة التناقض القديم مابين الوحدة والتنوع،وبين الواحد والمتعدد،ولإيجاد القانون والنظام في العماء المتجلي في الظواهر الفزيائية،ولتقديم تعليلات لسلوكات الكون والمجتمع والإنسان"(12).ولايعني فكرة بسيطة عن التصادم والوثب،بل تعبيراً عميقا عن تغيرية modificabilité داخلية لفواعل agent الاصطدام.وهذا ما يقتضي افتراض وجود نقاط-ذوات- داخلية intrnal -subject-points أو ما يماثلها على نحو تعرض عنصر لدفع ما والاستجابة له.أول من أعطى لمفهوم التفاعل الكلي اعتباره الحقيقي هو كانط الذي أدرج الوحدة والتبادل ضمن المقولات الدينامية،وشيد مفهوم التفاعل باعتباره شرطا ضروريا للتنظيم الزمكاني للمدرَك و لتشخيص تبادل الفعل بين المُدِرك والمدرَك .وفي هذا المضمار، تكمن أصالة التفاعل الاجتماعي في تحديد الأساس الزمكاني المميز للعلائق الاجتماعية. أما أصالته الخطابية، فتكمن في قدرته على بيان ما يجمع ويميز بين أجزاء النص،وإثبات وجود علاقة مشتركة بين مختلف العناصر.وهذا ما برهن عليه محمد مفتاح في التشابه والاختلاف(1996) ،إذ فند الأطروحات التي تسم بعض كتب المنتخبات والكتب الجامعة والكتب التي تتعدد مواضيعها بالتشتت والاضراب والتجزء،وأثبت انتظامها واتساقها ووحدتها الفكرية في إطار رؤية شمولية مستمدة من نظرية الأنساق.
1-العنوان:
من بين طقوس المرور الحاسمة التي يمر منها الكتاب،هناك طقس التسمية(إعطاء اسم للكتاب).يتردد الكاتب أو الناشر في اختيار اسم من الأسماء المنثالة عليه،وفي الأخير ينتقي منها ما هو ملائم ودال ويصوغه بدقة وإحكام، لأنه أول ما يقرع السمع،ويجذب الأنظار،ويتنزل من العمل منزلة الوجه أو الغرة،ويضطلع بمهمات حاسمة تجعل الجمهور إما يقبل بالهمة عليه أو يتطير منه،ونذكر منها تحديد هوية الكتاب،وتعيين محتواه،وإغراء الجمهور(13).كما ينهض بوظيفة مزدوجة (تلفظية وإشارية) وبوظيفة مشهية (طريقة تنتمي إلى التشويق)،ويعتبر بمثابة كلام معسول ومنمق يسبق عرض الحكاية بوصفها سلعة.وهكذا يتخذ رولان بارث من هذا الإطراء وهذه التشهية حداً من حدود الشفرة السردية (بلاغة السرد) (14).ويدخل العنوان في علاقة جدال وتفاعل مع النص،ف"إذا كان متلقي النص هو القارئ طبعا،فإن متلقي العنوان هو جمهور عريض يضطلع بطريقة أو بأخرى بتلقيه وإذاعته،وبهذا الصنيع يسهم في ترويجه" (15).إن إضاءة النص تعني -إذن- تهديم العنوان...والعنوان يخفي النص بواسطة اختزال يحجب ما هو غير ملخص ...بإيجاز،إن النص مجبر على التمرد على العنوان"(16).إذا نزع العنوان إلى توحيد النص وتكثيفه و التعريف به،فإن النص يعمل بدوره على تفصيل العنوان وتمطيطه وتفجيره وتشعيبه.ما يهمنا من إثاة العنوان هو بيان امتثاله كمركز جذب لنسق دينامي في فضاء من المتغيرات الداخلية(17) ،وقدرته على ضبط انسجام النص والحفاظ على استقراره البنيوي(18).
من الناحية المعجمية، تفيد ذات الجنس (ومذكرها ذو)،وهي اسم ناقص وتفسيرها صاحبة، كقولك :فلانة ذات مال أي صاحبة مال،وتفيد الزمن فلو قيل :أتيتك ذات عشاء،فإنما قصد الساعة التي فيها العشاء،وتفيد الحال في معنى اللهم أصلح ذات البين أي أصلح الحال التي يجتمع بها المسلمون،وتفيد حقيقة الشيء وخاصته في قولنا:ذات الشيء،وتفيد حقيقة القلوب من المضمرات في قوله عز وجل:{إنه عليم بذات الصدور}،وقوله عز وجل:{ وترى الشمس إذا طلعت تزاورُ عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}؛أريد بذات الجهة فلذلك أنثها،أراد جهة ذات يمين الكهف وذات شماله.ويقال في التثنية ذوتا وفي الجمع ذوو، أما تثنية ذو فذوان وجمعها فذوون.وإنما جاءت النون لذهاب الإضافة (19).ولما نربط العنوان بالنص، نعاين أن صنع الله إبراهيم وضعه من باب المواضعة ،أي أنه أبدع حسب هواه اسم علم لامرأة،وتواضع مع القراء عليه بعدما أرفقه بالمقومات السياقية والمسارات التصويرية التي جعلت حاملته تضطلع بأدوار موضوعاتية ذات طابع عائلي (زوجة وأم ومربية) وسياسي (من أتباع الناصرية) ومهني ( موظفة بقطاع الأبناك)،ومن ثمة يتبين أن عنوان ذات هو من العناوين المُذوَّتة التي تُستمد من أسماء أعلام الفواعل أو من ألقابها أو وظائفها أو مواصفاتها على نحو سيدتي بوفاري لجوستاف فلوبير،واليتيم لعبد الله العروي،وغاتسيبي العظيم لفيتزجيرالد،كما يعتبر من العناوين الموضوعاتية التي تختزل بين طياتها مجمل مضامين الرواية.وهكذا يتبين أن ذات هي في الآن نفسه الفاعل الذي يسعى إلى تحقيق البرنامج السردي الأساس والموضوع الذي تدور عليه الرواية.وبقدر ما نتوغل في قراءتها، بقدر ما تترسخ فينا قناعة مفادها أن صنع الله إبراهيم تقصد الارتقاء بذات من المستوى الشخصي (فاعل محدد) إلى المستوى الجماعي ( فاعل جمعي)،وبهذا الصنيع دعم الاستقرار الدينامي الناجم عن تحقق التوازن والتلاؤم بين البنيتن المتناوبتين والمتباينتين،وأعطى للعنوان حمولة رمزية وإيحائية( ذات هي مصر).فالتاريخ المصري المعاصر يتشخص من خلال مسيرة ذات،فكل فترة من حياتها تعكس الحالة السياسية والوضعية الاجتماعية أتناء حكم أحد أقطاب الثالوث الرئاسي،وبالجملة نقول إن تخلي ذات عن سياسة التأميم والمصادرة يصادف دخول مصر في مرحلة استجلاب الاستثمارات الأجنبية والعملات الصعبة وتوسيع هامش الملكية الفردية لوسائل الإنتاج وفتح أسواق داخلية وخارجية. كما أن نهج مصر سياسة الهدم والبناء لتصفية الإرث الاشتراكي الناصري ولاستتباب القيم الرأسمالية في التربة المصرية حتم على" ذات" وغيرها بذل قصارى الجهود للحاق بالمسيرة والانخراط فيها قصد التوفر على المال الضروري لتأثيث المنزل بأفخر الأثاث،واستبدال المعدات والأجهزة القديمة والمتآكلة بأخرى جديدة وفعالة.إن مرض" ذات" أو على الأقل حالتها غير الطبيعية- مباشرة بعد توسيع الهامش الاقتصادي- يعكس المناخ السياسي العام"علينا أن نفترض (من منطلق الأمانة لتراثنا القومي) أن ذات مريضة أو على الأقل غير طبيعية.أو أنها بضغط الظروف ، قررت أن تعمل بالقاعدة الذهبية للبث، التي تنص على صناعة مادته ولا انتظارها" ص52. إن النص الروائي غني بالاصطدامات المحلية (الكوارث الأولية) بين القوى الفاعلة والرؤى والمشروعات و بالمتغيرات الداخلية ( تبدل الحالات والعلائق) التي تسهم في تشعب الأحداث والمحكيات وتناسل القضايا الصغرى.ويعد كل عنصرمن هذه العناصرجزءاً من مجموع المتواليات الضروريةchréodes والثابتة التي تضمن تماسك النص.ويظل العنوان محافظا على الاستقرار البنيوي إلى حين حذف عناصر من النص أو إضافة عناصر أخرى إليه.وفي مثل هذه الحال ينتفي مركز الجذب الذي يمثل الأشكال الأولية ويُستبدل بواسطة الاجتذاب capture بمركز آخر يمثل الأشكال النهائية،وتسمى هذه العملية بالكارثة التي يمكن أن توصف في فضاء المتغيرات الخارجية (20).ويمكن أن نمثل لذلك ببعض التمارين التي ينجزها التلاميذ لتهديم النص وتجريده من الهيبة و المسحة القدسية وإعادة إنتاجه من منظوراتهم الخاصة. فكلما اضطلعوا بحذف فقرة أو التصرف في معناها أو تحويلها وباقتراح عنوان جديد للنص، فهم من حيث لايشعرون يقومون بتوظيف وتسريب متغبرات خارجية،وبتغيير مركز الجذب.
يرى كلود لفي ستراوسC.Lévi-Strauss أنه "ليس للعناصر أي شيء آخر غير المعنى: معنى يتجلى أساساً وضرورةً في الموقع"،ويؤكد دولوزDeleuze الجانب العلاقي والموقعي في المشروع البنوي بقوله" ليس المطمح البنيوي كمياً بل طبولوجيا وعلاقيا"(21).انطلاقا من هذا التصور،يتموضع عنوان الرواية (ذات) في فضاء وجه الغلاف. يحتضن الفضاء العلوي صورة أيقونية عن مواد استهلاكية ( مسحوق أرييل،وقنينة ماء معدني،وقنينة معدنية لمشروب كوكاكولا،وقنينة زجاجية لمشروب السبعة الصاعدةSeven Up ،وعلبة قهوة نسكافي...) موضوعة فوق رف" خطط له أن يقوم بالدور الذي تلعبه واجهات العرض في البوتيكات"ص328 .ومن خلال طريقة ترصيص المواد ونوعية الغطاء( جريدة) و طبيعةالرف يتضح أن المطبخ متواضع وأن مالكه ينتمي إلى طبقة متوسطة. و ما يسترعي الانتباه ،هو أن المواد معروضة أساسا للتباهي وإظهار القدرة على مواكبة سياسة الانفتاح الاقتصادي.وكل مادة موسومة بإسم يميزها عن غيرها من المواد المنتمية إلى النوع نفسه.وما يجرح ويخترق القلب كسنانPunctum (22) هو مقوم [+الأمركة]،لأن أسماء بعض المواد هي ذاتها أسماء شركات أمريكية متعددة الجنسيات.وإن كانت هذه المواد مشخصة في فضاء الغلاف كأدلة منفصلة وزائغةerratiques ،فهي ترسخ نمط عيش جديد (الاستهلاك).وتوجد في الفضاء السفلي إمرأة محتجبة، لايظهر من محياها إلا شفتان مصبوغتان بأحمر الشفاه.ما يصطدم في هذه الصورة هو إبداء المرأة زينتها لغير بعلها والجمع بين مقومي التبرج والاحتجاب.وهي سمة من سمات ذات، "فهي رغم تحجبها لم تكن من المتعصبين الذين يحرمون التعامل مع العدو التاريخي" ص330.ويتدخل العنوان(سمة تجارية تحمل رقما ترتيبيا) للحد من سيل المقومات،و"يعزز ظاهرة الإطناب بإضافة معلومات غير مصرح بها في الصورة"(23)،وكامنة في بلاغتها: انتقال ذات( كفاعل مفرد وجمعي ) بالكلية إلى الاقتصاد الحر وتعزيزها لسوق العمالة الرأسمالية (رواج المواد الاستهلاكية التكميلية وتبضعها على نحو المشروبات ومواد الزينة). لايتكون العنوان إلا على مكون واحد من مكونات العقدة اللغويةnoeud verbal وهو الفاعل،أما المكونان الآخران فهما مضمران( الفعل والظرف).لكن إذا ربطناه بمحيطه،فهو يكتسب قيمته الموقعية،ويصدع ببعض محتوياتها(الترويج والتبضع والاحتجاب والامتلاك ) ويكشف عن بعض تشاكلاتها الدلالية( على نحو التشاكلين التجاري والديني).
وهكذا يتبين أن العنوان هو بمثابة مركز منظم يقضي على الاضطرابات ،ويجمع شتات ما تفرق وتصدع،ويضفي الدينامية على المواقع والمتغيرات،ويمد الجُسيْرات بين البنيتين المتناوبتين،ويرتقي بما هو ذاتي خاص إلى ما هو جماعي عام لبيان ما عاشته مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر من تحولات عميقة وسريعة مست نمط عيش الإنسان المصري ورؤيته للعالم.
2-التعيين الجنسي:
يرتبط التعيين الجنسيGénérique بما يسميه جيرار جنيت بجامع النص (مجموع الخصائص والمقولات العامة والمتعالية التي ينتمي إليها كل نص)،وهو يلعب دوراً في توجيه وتحديد أفق انتظار القارىء وتلقيه للعمل. فالقارىء يتوقع منه عناصر جنسية وسمات محددة انطلاقا من تجاربه الخاصة وتمثيلاته المعرفية.مايهمنا من إثارة قضية التجنيس هوبيان الدور الذي تلعبه لتحديد هوية النص وإضفاء طابع الانسجام عليه."فإذا ربطنا هذه السلسلة من الجمل والملفوظات بنمط من النصوص يمكن أن تصبح غير متجانسة،في حين تصبح متجانسة في حال ربطهابنمط آخر،وفي كل مرة تتغيرأطر المرجع -ومعها التنظُرات- والافتراضات التي يتقاسمها المتلفظون والمرسل إليهم"(24).وهذا مايجعل من التجنيس - رغم الانتقادات الموجهة له-عملية إجرائية،لأنها تمكن من معالجة أشكال مشتركة تجمع بين أعمال عديدة،وحقب عديدة،وكتاب متعددين(25).وهي موكولة إلى الشعرية التي أصبح من مهماتها اكتشاف التسلسلات والمجموعات التي تظل-بدون الشعرية- مغمورة،لأن عناصرها تبقى مشتتة عبر يافطات لاتلائمها على النحو المطلوب: يتعلق الأمر بإعادة تجميع الاستثناءات التي هي على هذه الحال بسبب عدم وصفها بشكل ملائم أي أنها غير مجموعة.وبعد الفراغ من تحديد الأجناس الكبرى، ينبغي لنظرية الأدب وتاريخها أن يهتما بالأقليات: يمكن التمثيل في هذا الصدد بدراسة سوزان برنار للشعر المنثور،ودراسة تودوروف للأدب الفنطازي"(26).وهكذا يتبين أن عملية التجنيس تنكب على جمع ووسم طبقة من النصوص تتميز بخصائص مشتركة.ونظراً للتعددية الجنسية في بعض النصوص،وللالتباس الذي يطبع علاقة الانتماء الجنسي،ولتبدل المعايير الشعرية،فإن علاقة نص باسم جنس تبقى نسبية(27).وهذا ما يفرض إعادة تصنيف بعص الأعمال،واستخلاص ضوابطها وإرغاماتها ومواضعاتها في شكل بنيات مجردة،وملء الخانات الفارغة لبعض الأجناس التي وجدت قبل أن تتحقق و يعترف بها،"فلا تخلو التشكيلات المفترضة دائما من صلاحية،بل بالعكس يكون لها ، ككل التصنيفات المؤقتة وظيفة كشفية معترف بها؛فالنافذة الوهمية قد تفتح على نور حقيقي،وقد تكشف عن أهمية اصطلاح مجهول،والخانة الفارغة أو التي ملئت بذكاء،قد تجد في وقت لاحق محتلا شرعياُ"(28).يعتبر الجنس (رواية)المثبت على وجه غلاف ذات عبارة عن مثال لخاصية جنسية(29)،ويمثل هوية مصطلح عام ينطبق على عدد معين من النصوص(30) التي تشترك بطبيعة الحال في "درجة المطابقة الموضوعية"(31).وفي هذا السياق تتباين العلاقة بين الطبقة والفرد في الكائنات الطبيعية والأعمال الأدبية.ف"إن كانت للمواضيع الطبيعية بعض المميزات المشتركة، فذلك لأنها تنتمي إلى الطبقة نفسها،أي أنها تأتي إلى الوجود من خلال علة وراثية (بالنسبة للطبقة)، على العكس من ذلك، فالمواضيع الاصطناعية،إن كان بإمكانها تكوين طبقة خاصة بها،فذلك لأنها تتوفر على بعض الميزات المشتركة التي حصلت عليها بسبب علل خارجية عن الطبقة النصية، أي بسبب مقاصد إنسانية أساسا( حتى ولو كان هذا ليس قطعيا تماما).في حالة الكائن البيولوجي، فإن الطبقة المكونة سلفا هي بمثابة الجوهر المحدث له(أي الكائن البيولوجي)،والسبب الذي يؤدي إلى وجود فرد جديد وخصائصه معا.إننا لا يمكن أن نقول بالكلية الشيء نفسه بخصوص طبقة تتشكل من المواضيع الاصطناعية كطبقة النصوص على سبيل المثال:إن عملا ما غير قادر على أن يكون السبب المباشر لوجود عمل آخر،وبالتالي فإن علة وجود عمل جديد وكذا خصائصه لا تكمن في الطبقة التي سيندرج ضمنها هذا الأخير باعتبار خصائصه.من هنا نجد أنه في الوقت الذي تتجه فيه العلاقة الجنسية البيولوجية من الطبقة إلى الفرد، فإن العلاقة الجنسية العارضة تتجه من الأفراد إلى الطبقة(32).إن العلاقة التمثيليةexemplifiantes ليست لها الدلالة نفسها في الحالتين:إنها في حالة الأجهزة العضوية الطبيعية مبنية -كما لاحظنا- على علة داخلية فيما يخص الطبقة، في حين تبقى هذه العلة خارجية في حالة التمثل الجنسي الأدبي:إن كان بإمكان محكي أن يمثل بالطريقة نفسها تحديده الجنسي،فإن سبب ذلك لا يرجع إلى بعض العلل النصية الداخلية،وإنما وبكل بساطة إلى اختيار مؤلف المحكي المعني بالأمر لصيغة تلفظية معينة(33).فذات تندرج ضمن جنس الرواية لأن صاحبها قرر أن يحكي رواية "تعتبر قبل كل شيء عنصراً موازيا للنص، بمعنى أنه فعل التوسيم الذي برتبط دائما بعمل فردي"(34).إن معرفة الخطاب وتأويله محكومان بمعرفة نمطه ونوعه.كما أن ضبط انسجامه يعتمد بالأساس على تصنيفه ضمن خانة جنسية محددة،وفي هذا الصدد تتدخل تمييزات إجرائية مرتبطة بأنماط الخطاب (سياسي،أوديني، أوأدبي...)،وبأجناسه (النشرة المتلفزة أو الوصلة الإشهارية أوملصق أورواية...) ،وبأنواع مقاطعه ( الوصف،أوالسرد،أوالحجاج...).إن الإقرار بأن ذات رواية" يحدد السلوك الذي ينبغي للقارىء أن يتحلى به إزاء النص،وبخاصة إزاء الانسجام النصي الذي يحق له انتظاره" (35)،كما يجب عليه أن يتعرف مختلف المقاطع والعناصر (بوصفها حقائق غير متجانسة يتشكل منها أي نص) التي اعتمد عليها صنع الله إبراهيم لإنتاج نص روائي منسجم ومتماسك ومتجانس.ولتسليط مزيد من الإضاءة على الدور الذي يلعبه التعيين الجنسي في إضفاء الانسجام على النص ، سنلمع، بعجالة، إلى طرح كل من دومنيك مانكونو وجورج لوكاش وميخائيل باختين
2-1-أبرز دومنيك مانكونو D.Maingueneauأن النص غير متجانس بحكم تركيبته.لكن هذا اللاتجانس سرعان ما يتبدد بواسطة جنس الخطاب.وأشار إلى طريقتين يمفصل النص من خلالهما أنواعاً من المقاطع،ووسمهما على غرار ج.م.أدام J.M.Adan بالتضمين المقطعي والمهيمنة المقطعية.تعتبر الطريقة الأولى عبارة عن علاقة أولية من تضمين نوع مقطعي في آخر:حوار في سرد،ووصف في حجاج...الخ.وفي كل مرة تطرح مشاكل الانتقال التي لا مفر منها.إذا توفر الكتاب على عدة من العلامات المميزة، فإنهم يتحاشون، تبعا لجنس الخطاب المقصود، إقامة تقطعات واضحة جداً.أما الطريقة الثانية ،فهي تعد علاقة معقدة ومزيجا من مقاطع متعددة (36).وسنعتمد عليها لدحض أطروحة التشتت والاضطراب والعماء التي سبقت الإشارة إليها.فرواية" ذات" مشيدة بصفة عامة على مهيمنتين مقطعيتين: المهيمنة الحكائية التي يدور حولها البرنامج السردي العام الذي تضطلع به ذات للوصول إلى الموضوع المبحوت عنه،والمهيمنة التفسيرية-الاستعراضية التي تضطلع بها الأخبار الصحفية. مما لاشك فيه، فإن تماسك النص ينجم عن التسلسل السطري ،وعن الإرغامات التي تتحكم في مجموع المقاطع:ما يمكن أن نسميه بالبعد التمظهريdimension configuratinnelle : ففي مجال الحكي ،مثلا، فإن القضايا تتجمع داخل وحدات شاملة جدا،بحيث أن كل واحدة من هذه القضايا الكبرى تلعب دورا كبيرا في تطوير الحكي.يمكن لهذا البعد المظهري الذي يتعامل مع الحكي بوصفه كلا يمكن أن يوضح، في حدود معينة، القدرة التي يتوفر عليها القراء لتلخيصه(37).لقد فرض مبدأ التناوب (شكل من أشكال التشعب) على صنع الله إبراهيم تشييد صرح روايته على مهيمنتين مقطعيتين عامتين، يتقاطعان في تشخيص البنية المقننة للقضايا الكبرى المتعاقبة،وفي الإفضاء إلى نهاية مشتركة.ويمكن أن نجمل القضايا الكبرى في النموذج الخماسيModéle quinaire الذي اقترحه بول لاريفاي P.Larivaille (38):


















أ- قبل


1



ب- أثناء التحول /السيرورة الدينامية:


بحث القوى الفاعلة عن بعض أشكال التضامن الاجتماعي للحاق بمسيرة الهدم والبناء


 



ج-بعد


5



الحالة الأولية للتوازن:


الشروط الأولية لانطلاق الأحداث على نحو التعريف بالشخوص التي ستلعب أدوارا طلائعية،


وتحديدالظرفية


الزمكانية.



2


الإثارة والتحريض


يتجلى  مفجر الأحداث في الصورة الإشهارية التي حفزت القوى الفاعلة على الانخراط في مسيرة الهدم والبناء.



3


الحدث:


بحث القوى الفاعلة عن الوسائل والطرق الكفيلة للانخراط في مسيرة الهدم والبناء ومواكبة سياسة الانفتاح الاقتصادي.



4


الجزاء:


لم تتمكن ذات-


عكس بعض الفواعل- من اللحاق بمسيرة الهدم والبناء نظرا لقلة مدخراتها المالية ولارتفاع الأسعار.


 



الحالة النهائية للتوازن:


إصابة أهم القوى الفاعلة بالإحباط والخيبة،وارتدادها إلى ذواتها وعوالمها الداخلية،والاهتداء إلى الدين الإسلامي الحنيف.





 


            (جدول رقم8:البنية الفوقية)


1.الحالة الأولية للتوازن: كل ما يتعلق بالشروط الأولية لانطلاق الحدث،وهي تهم الزمان( موت جمال عبدالناصروتسلم أنوارالسادات مقاليد الحكم)،والفضاء( مصر الجديدة)،والموضوع(تزوج عبدالمجيد بذات،وبحثهما عن شقة،واستعدادهما لتحمل مصاريف الحياة وصروفها).
2.التحريض والإثارة : دور الصورة الإشهارية في توجيه الرأي العام للانشغال بمسيرة الهدم والبناء.
3.الحدث: تبحث القوى الفاعلة عن بعض أشكال التضامن الاجتماعي لضمان القدرة على الانخراط في مسيرة الهدم والبناء،والتغلب على المشاكل التي نتجت عن نهج الدولة سياسة الانفتاح الاقتصادي.
4.الجزاء-النتيجة: عدم قدرة أهم القوى الفاعلة على اللحاق بالمسيرة نظرا لقلة المدخرات المالية وارتفاع الأسعار.
5.الحالة النهائية للتوازن: تعذر على تلك القوى مواكبة الإيقاع السريع للمسيرة،وخيبة آمالها،وتوتر علاقاتها الاجتماعية،وتوبتها إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
2-2-يرى جورج لوكاش أن الجنس الروائي يتضمن عناصر غير متجانسة ومنفصلة مدعوة لتكوين وحدة عضوية،ويشكل" منظومة الأفكار المنظمة التي تكون الكلية"(39) وتسهم في إقامة "شكل الفحولة المنضجة"(الانغلاق الروائي)(40).وأشار إلى بعض القضايا التي تدعم تماسك العالم الروائي، على نحو دمج عناصر غريبة،وتوحيد أجناس أدبية،وإضاءة الشكل المركزي بالتضاد( كما هو الشأن بالنسبة للمحكيات المدمجة في رواية دون كيشوت لميجيل ثرفانتيس)،وإيجاد علاقة وطيدة بين الأجزاء المستقلة والمنعزلة والبنية العامة للعمل ،وإدخال موضوعات خفية تشكل مطلعا للرواية،ويكون لها دور حاسم في النهاية."يتلقى كل ذلك تمفصلا موحدا عن طريق إدخال كل عنصر منفرد في علاقة مع الشخصية المركزية ومع المشكل الحيوي الذي يلقي الضوء على مجرى وجودها"(41).إن بنية محتويات الرواية محكوم عليها بالتعقد الأقصى، وبتصحيح نفسها بواسطة أخلاق جديدة،وبتدخل الكاتب لخلق التوازن بين العناصر المتنافرة وللحفاظ على " التفاعل بين مركبين من الأخلاق وبين هذه الثنائية في الإبداع والوحدة في الشكل"(42)، ويكمن المبدأ الموحد النهائي في أخلاق الذاتية المبدعة، تلك الأخلاق التي تصير واضحة في المضامين نفسها"(43).
إن وسم ذات بالرواية يعني أنها بوتقة تنصهر فيها مختلف العناصر والمعطيات غير المتجانسة للبحث عما في الحياة من كلية خفية،ولبيان مسيرة الذات وهي تواجه القوى الغريبة وتنزع إلى إعطاء معنى لحياتها وفهم طويتها،ولتشخيص حنينها إلى الاكتمال الطوباوي الكامن في الملحمة حيث التناسب بين أفعال الروح ومطالبها،وغياب الألم وأمن الكينونة،"وحينئذ تكون الكينونة والمصير، والمغامرة والاكتمال،والوجود والماهية، أفكارا متطابقة"(44).ولا تصبح الرواية قابلة لأن تتخذ شكلا نسقيا إلا في التجريد،ويعتبر المقصد المبنينintention structurante أحد مستويات هذا التجريد الذي يحافظ على كل عناصر فعل البناء عوض إلغائها،ويجعلها محسوسة كتجربة يعيشها الروائي، ويستخدمها للحم ما تفرق ولتطويع التأليف والإنشاء الأدبي(45).
2-3- أصبح الأسلوب مع ميخائيل باختين عنصرا جوهريا لتمييز الرواية ذات الصوت الواحد من الرواية ذات أصوات متعددة،ولإدراك معضلة صورة اللغة أو اللغة المشخصة أدبيا .إن"الرواية هي التنوع الاجتماعي للغات،وأحيانا للغات والأصوات الفردية، تنوعا منظما أدبيا"(46).وتتسع بنيتها لاستيعاب الوحدات الأسلوبية اللامتجانسة،وإدماجها داخل الوحدة العليا (الكل) لتكون نسقا منسجما.ومن بين الوحدات التأليفية المكونة للبنية العامة للرواية، نذكر السرد الأدبي في مغايراته المتعددة الأشكال،و أسْلبة مختلف أشكال السرد الشفوي أو المكتوب والأجناس المتخللة والرطانات المهنية و الحوارات المباشرة للشخوص المفردة أسلوبيا والملفوظات "الأجنبية" المتسربة إلى كلام المتلفظ،والمسكوكات اللغوية...الخ.إن الأسلوبية التقليدية لا تدرك أهمية تجميع اللغات والأساليب لتكون نسقا متجانسا."إنها لا تعرف كيف تتناول الحوار الاجتماعي النوعي للغات الرواية،كما أن تحليلها الأسلوبي لا يتجه نحو مجموع الرواية،وإنما يقتصر على هذه الوحدة التابعة أو تلك.فالباحث،من هذا الاتجاه، لا يلمس الخصوصية الأولية للجنس الروائي،ويستبدل موضوع بحثه بالوقوف عند الجزئيات،وبالإجمال،فإنه يحلل شيئا جد مختلف عن الأسلوب الروائي " (47).لكن أسلوبية باختين أدركت خصوصية الجنس الروائي وحددت أصالته التي تكمن في قدرته على الارتقاء بالتعدد اللغوي والأسلوبي إلى درجة عالية من التنسيق والتنظيم.فالأمر هنا لا يتعلق بلغة واحدة ووحيدة بل بحوار اللغات أوبلغات مترابطة فيما بينها حواريا.ولا يعني التشخيص اللغوي لعبة لفظية مجردة أو لعب شكلاني محض أو تجريب اللغات والأساليب ،بل هي عملية موزونة ومفكر فيها بإمعان لتوسيع الأفق اللساني وشحذ إدراكنا للفروق الاجتماعية -اللسانية(48)،ولجعل صورة المتكلمين ب"ملابسهم" الملموسة والتاريخية تتراءى وراء جميع اللغات،"فلسيت صورة الإنسان في حد ذاته هي المميزة للجنس الروائي،بل صورة لغته.إلا أنه لكي تصير اللغة صورة للفن الأدبي، يتحتم أن تصبح كلاما على الشفاه التي تتحدث،وأن تتحد بصورة الإنسان الذي يتكلم"(49).
من هذا المنظور،لا تعتبر المواد الصحفية على سبيل المثال حشوا،بل ذات بعد إيديولوجي لأنها مشبعة بالعينات الإيديولوجيةidélogémes ،ومحددة لرؤية المتكلم إلى العالم،ومقاومة للغة الجاهزة والآمرة،وذات بعد جمالي للحفاظ علة الوحدة في التنوع،وعلى التفاعل الحي بين مختلف اللغات والمنظورات والسياقات.وبالجملة ف"إن السياسة الداخلية للأسلوب( تلازم العناصر) تعدلها سياسته الخارجية ( العلاقة بخطاب الآخرين).ومن ثم يمكن القول بأن الخطاب يعيش على حدود سياقه وعلى حدود سياق الآخرين" (50).
3- التضعيف الحكائي:
تكسر"ذات" الخطية المنطقية للسرد،وتحدث فيها اختلالات تركيبية،وتعيد ترتيب المواد الحكائية وفق تركيب جديد يتحكم فيه هاجس التجريب الذي تم بمقتضاه تبني نوع من أنواع التأليف القصصي وهوالتناوب.ويعني "حكاية قصتين في آن واحد بالتناوب أي بإيقاف إحداهما طوراً وأخرى طوراً آخر،وبعد إيقاف إحداهما تُستأنف أخرى.بطبيعة الحال يميز هذا الشكلُ الأجناسَ الأدبية التي فقدت كل صلة مع الأدب الشفهي: لايمكن لهذا الأدب أن يحتمل التناوب.ومن بين الأعمال المشهورة التي وظفت التناوب،يمكن أن نذكرعلى سبيل المثال رواية القط مور لهوفمانHoffman ،والتي يتناوب فيها المحكي الذي يضطلع به القط مع المحكي الذي يضطلع به الموسيقار،وكذلك حكاية الآلام لكيركجارد Kierkegaard"(51).فرواية" ذات" تقوم على بنيتين سرديتين متناوبتين، تترصد أولاهما حياة ذات داخل البيت والإدارة ، ويدور برنامجها المقنن العام الذي يتحكم فيه المرسل ( الانفتاح الاقتصادي) حول موضوع قيمي يتعلق باللحاق بمسيرة الهدم والبناء. وتتدخل عدة عراقيل تحول دون تمكن أسرة ذات من إصلاح الشقة وتبييضها وتأثيتها وتحقيق بعض أحلامها وتطلعاتها،وبالمقابل استطاع الجيران تحقيق ذلك ، وهو مازاد من توتر العلاقة بين ذات وزوجها،ومن إصابتهما بخيبة أمل.وتتكون ثانيتهما من مئات من النصوص الإخبارية التي تم اجتزاؤها من سياقاتها الأصلية وفصلها عن محيطاتها الطبيعية لتدخل في علائق وتفاعلات جديدة.وكما عاينا فإن هذه النتف والشظايا الإخبارية- على كثرتها وتباينها وتنوعها- يمكن أن تتضام في بعض المواضيع والتشاكلات الدلالية،و تُختزل في برنامجين خاصينProgrammesspécifiques:أحدهما تنهض به كل الفواعل التي تضفي الشرعية على ما أنجزته الدولة من مشاريع مفيدة في إطار مسيرة الهدم والبناء،وتانيهما تضطلع به الفواعل المضادة التي تبين ما تخلل المسيرة من ثغرات ونقائص واختلالات وفضائح.
إن التضعيف الحكائي يشكل مستوى من مستويات التشعيبbifurcation التي يقوم بها الروائي لعرض المادة الحكائية، فهو يتردد بين عدة إمكانات سردية تبين "أن هذه البنية ستسير في هذا المنحى أو آخر، لكن لا يُعرف أي منحى ستتبع"(52).لقد فرضت بنية التناوب على أحداث رواية ذات اتباع طريقين مختلفين، لكنهما بفضيان إلى نقطة مشتركة، تعتبر بمثابة مركز الجذب الذي يجب أن يحافظ عليه بالإبقاء على استقراره البنيوي ليحصل الانسجام ويدرك الموضوع(53)،وتشكل توازنا ديناميا يجعل عناصر النسق قادرة على الانضباط الذاتيautorégulation وعلى الاشتغال في حالة استقراروثبات (54).ويمكن أن تتشعب كل بنية حكائية إلى مسارات متعددة،ومع ذلك لاتعتبر بنية الرواية بنية مصفحة من الإدماجات والاشتقاقات، بل شبكة معقدة من القوى القادرة على التأثير ومعاودة التأثير على تطورها الخاص وعلى " خلق موجة من إعادة التسوية التي تستطيع من خلالها العوامل الداخلية تنظيم التغيرات المتعاقبة""(55).فلا تهم المداليل التي تأخذ مكانها المناسب في السياق، بل ديناميتها الداخلية:قطائعها وتشوشاتها وتشوهاتها وتضاعفها واستئصالاتها وسرعة هذه العمليات،أي كل التغيرات التي تحدثها هذه الدينامية في ماهية وشكل المحتوى الحكائي(56).فمهما كانت الاضطرابات( الدالة على نوعية الدينامية) شديدة،فإن "موجة التسوية وإعادة التسوية" تستطيع أثناء انتشارها وانكسارها أن تقضي عليها وتبث في العناصر المتناقضة والمتباينة روح الانسجام،وتجعلها تحدث قطيعة مع الآثار المادية التي تحيل إلى خارج النص (الوهم المرجعي) لتحل محلها آثار مادية أخرى تحيل إلى نفسها (الإحالة الذاتية)،وتنظم نفسها (التنظيم الذاتي)،وتضبط ذاتها ( الانضباط الذاتي)،وتدعم الوهم الأدبي،وتقوي التآلف والتضام.كما تعمل على توطيد وتمتين المفاصل السردية بين البنيتين المتناوبتين لتأكيد تكاملهما وتعاضدهما وتآلفهما.ويمكن أن نذكر منها مفصلين أساسيين:
1.تم إثبات المفصل الأول على النحو التالي" لم يفعلها الشنقيطي لأنه لم يكن يملك الوقت الكافي للتفكير في مثل هذه المشروعات،بسبب انشغاله بمشروعات من نوع آخر مرتبطة بتجميل حي مصر الجديدة،أول ما يقابل السائح.فبالإضافة إلى تصاريح الهدم (للفيلات والعمارات القديمة المتينة التي لن تنهدم من تلقاء نفسها) والبناء(لناطحات السحاب الزجاجية التي تنهدم من غير تصريح) خلق الكوبري الذي أقيم فوق ميدان الطيران لتسهيل المرور في طريق صلاح سالم السريع مشاكل جمالية معقدة"ص157.يشكل هذا المقطع مَلْـقى يتقاطع فيه المشروع الفردي(تجربة الشنقيطي الشخصية في مسيرة الهدم والبناء) والمشروع المجتمعي ( انخراط الدولة والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية في مسلسل الهدم والبناء)،ويعتبر بمثابة تلخيص مركز لما تورده الصحف من أخبار موثقة ومطلعة حول المجهودات المبذولة في مجال التجهيزوالتعمير.
2.يتجلى المفصل الثاني في مفتتح الفصل التاسع عشر" ألف المصريون المحدثون تأريخ أيامهم بالتقويم الثوري (قبل 1952وبعدها) قبل أن ينتقلوا إلى التقويم الرئاسي للثالوث الذي تعاقب على الحكم بعد الثورة (عبد الناصر، السادات، مبارك)، أما ذات فكان لها تقويم خاص يعتمد الثالوت الأموي الذي تعاقب أفراده على خدمتها:أم أفكار،أم عاطف، أم وحيد)"ص323.فهذا المقطع يجسد التوازي بين تاريخمصر القائم على التقويم الرئاسي للثالوث الذي تعاقب على الحكم بعد الثورة(عبد الناصر،والسادات،ومبارك) وبين التاريخ الفردي لذات الموسوم بالثالوث الأموي الذي تعاقب على خدمتها (أم أفكار وأم عاطف وأم وحيد).نجد التاريخ الأول مبثوث عبر أعمدة الصحف التي تبين كيف انتقلت مصر من عهد التأميم والمصادرة إلى عهد الانفتاح الاقتصادي وجلب الاستثمار الخارجي، أما التاريخ الثاني فهو يطلعنا على مسيرة ذات التي تنتهي بالتخلي عن الناصرية،واستساغة سياسة الانفتاح،والتوبة. وهكذا يتبين أن وراء كل مرحلة من المراحل الثلاثة التي قطعتها مصر تتشخص مرحلة متميزة من التاريخ الفردي لذات.
4-التشاكل:
استعار كريماص مفهوم التشاكل من الحقل الفزيائي-الكميائي،ونقله إلى مجال التحليل الدلالي مانحا إياه دلالة خاصة،ويعني به تكرارعلى طول سلسلة مركبيةsyntagmatique مصانفclassémes تضمن انسجام الخطاب-الملفوظ.وفي ما يخص توزيع مكونات المسار التوليدي للخطاب،يرى كريماص أن التشاكل الدلالي(مقابل التشاكل النحوي أو التركيبيsyntaxique) يجعل القراءة الموحدة للخطاب ممكنةً(57).ولما نعود إلى مختلف تعاريف كريماص وأتباعه(كربرات أوركشيونيKerbrat-Orecchioni ) يتبين أنه تحدث مرارا عن تشاكلات دلالية وصوتية وعروضية وأسلوبية وافتراضية وتركيبية وسردية.وهذا ما يجعلنا نفترض أن كلمة/ تشاكل/ تشمل مختلف الظواهر السيميائية التي يمكن أن تُحدد نوعيا على أنها تماسك مسار القراءة في كافة المستويات النصية (58).لقد قام فرنسوا راستيي François Rastier بتوسيع مفهوم التشاكل على صعيد العبارة (تردد وحدات لغوية) وعلى صعيد المحتوى ( ترددكل الوحدات الدلالية وكذلك المقومات الخاصةspécifiques أوالمقومات النوويةnucléaires)(59).كما نهض محمد مفتاح بتدارك ما نقص في تعاريف كريماص وراستيي وجماعة "مو" مركزا بالأساس على دور التناسل و وآلياته في انسجام الرسالة صوتيا ودلاليا ومعجميا وتركيبيا ومعنويا وتداوليا،وفي هذا السياق يقترح للتشاكل التعريف التالي:"تنمية لنواة معنوية سلبيا أو إيجابيا بإركام قسري أو اختياري لعناصر صوتية ومعجمية وتركيبية ومعنوية وتداولية ضمانا لانسجام الرسالة"(60) . وإن كان مفهوم /التشاكل/ يشمل ظواهر عديدة، فهو يكشف لنا أن وراء هذه التعددية تتوارى وحدة ما.وفي الواقع،يحيل / التشاكل/ دوما إلى ديمومة مسار المعنى الذي يعرضه النص،وذلك عندما نخضعه لقواعد التماسك التأويلي،حتى ولوتبدلت قواعد الانسجام(61).ورغم تعدد التعاريف وتباينها، فهي تتفق في اعتبار مفهوم التشاكل مبدأ منظما و عنصرا أساسيا لضمان انسجام الخطاب وتناسله ونموه.وتم التعبير عن هذا الانسجام بمفاهيم مختلفة في مقاصدها ومتباينة في منطلقاتها المنهجية،ونذكر من بينها على سبيل المثال:القراءة الموحدة(كريماص)،والقراءة المتماسكة(كربرات أوركشيوني)،والتماسك التأويلي(أومبرطو إيكوUmbrto Eco)،والتجانس الدلاليhomogénéité sémantique(أرنولد M.Arnold)،والتماسك النصي(بوتييPottier)،والاتساق النصي(راستيي)،وانسجام الرسالة (محمد مفتاح).سنعود فيما بعدلإمعان النظر في هذا المفهوم،لكن ما يهمنا منه في هذا المستوى من التحليل هو بيان العلاقة الدلالية المتشاكلة التي تربط على المستوى العمودي بين البنيتين السرديتين المتناوبتين.
أ-المدار:يرى امبرطو إيكو أن المدار يتدخل كفرضية للقراءة،يوجه نحو الانتقاء السياقي الملائم،ويفرض قاعدة من التماسك التأويلي الذي يهم جميع المعجمياتléxémes المستعملة.ويعني إيكو بالتشاكل الحصيلة الدلالية لهذا التأويل المتماسك(62).فالمدار هوبمثابة ظاهرة تداولية، يضطلع بها القارىء أو المتلفظ له énonciataire لرفع اللبس عن الخطاب،ولبذل مجهود قصد فهم محتواه العام أي حول ماذا يدور(aboutness)،ولإقامة التماسك التأويلي الذي يعتبر ظاهرة دلالية محضة.يتعلق مدار ذات بمسيرة الهدم والبناء.ينطلق القارىء من هذا المدار لإيثار أو تنويم الخصائص الدلالية للمعجميات المستعملة(63) ،ويكشف عنه ويعيد بناءه برصد الكلمات المفاتيحmots clefs التي تتواتر وتتوارد قسرا أو طوعا في مسارات تصويرية parcours figuratifs هي عبارة عن تسلسلات متشاكلة من الصور المرتبطة بموضوع محدد(64).وهكذا يستقطب المسار التصويري للهدم في البنية السردية المتعلقة بحياة ذات(البنية الأولى) الكلمات المفاتيح التالية:التكسير والتحطيم والاستبدال،ويستجلب المسار التصويري للبناء الكلمات المفاتيح التالية: المعالجة والتثبيت والخلق ووضع نموذج مجسم والتحضير والإصلاح. وبالمقابل، يحوي المسار التصويري للهدم في البنية المتعلقة بالأخبار الصحفية (البنية الثانية) الكلمات المفاتيح التالية: الخسران،والفيضان،والفساد،والوباء،والتلوث، أما المسار التصويري المتعلق بالبناء فهو يتضمن الكلمات المفاتيح التالية: إعادة الترميم والبناء،والإنقاذ،وتشجيع الاستثمار...الخ. ويمكن أن نشخص في الجدول أسفله كيفية توزع بعض الكلمات المفاتيح عبر مسارات تصويرية.
























البنية  السرديــــــــة                  الأولـــــــــى



 البنية   السرديــــــة              الثانـــــية



          الهدم



        البناء



        الهدم



         البناء



 لاح لها شبح عبد الناصر،منهمكا في تكسيرها.ص62.


توقف عبد الناصر عن المجيء حاملا معول الهدم ص69.


صورة ربة منزل وهي تنهال بالمطرقة على جدرانها المغطاة ص54.



بعد تحضير طويل واتصالات مكثفة، انعقد الاجتماع الأول والأخير في تاريخ العمارة ص52.


وخلفه عكف أنوار السادات،في عناية شديدة،على تثبيت قطع السراميك الملون الفاخرص63.


ظهر الباش مهندس...عارضا خدماته،مؤكدا ضرورة فتح ملف الحمام لمعالجة الآثار الجانبية للعملية المحدودة ص63.


لكن أنوار السادات واصل زياراته الليلية وفي يمينه قطع السيراميك المعهودة ص69.


..واستبدالها بالسراميك    الخلاب ص58,


بسبب انشغاله (السنقيطي) بمشروعات من نوع آخر مرتبطة بتجميل حي مصر الجديدة.


تعددت في شأنه الاقتراحات ومنها إقامة نموذج مجسم من ساعة ستيزن ص158.



مستشفى عين شمس يخطو نحو الإفلاس...ص193.


انتشار الحمى القلاعية في الماشية،عن طريق الماشية المستوردة من أستراليا...ص221.


فلا هي(الدول النامية) استطاعت تسديد ديونها ولاهي تمكنت من زيادة معدل نموها بل وأصبحت معرضة لمزيد من التقهقر ص313.


عمليات الاختطاف واحتجاز الرهائن التي تقوم بها وزارة الداخلية شملت400 شخصا



 أعلنت الحكومة التقدم بعروض مبدئية للدخول في عملية إعادة بناء المستشفى ص103.


الحكومة تتدخل لإنقاذ شركات الانفتاح الخاسرة ص148.


من الضروري تشجيع المصدرين وحل مشاكلهم ص149.


ننوي استثمار أموالنا في مصر.والمال متوفر والحمد لله...ص138


أحرزنا تقدما في التعاون مع الحكومة المصرية فزادت أسعار الكهرباء بنسبة 60%عام 1975 والجازولين30% مرتين...ص313.


 





                                                                              ( جدول رقم9: مسيرة الهدم والبناء)
مما تقدم يتبين أن مدار الرواية(مسيرة الهدم والبناء) يلأم بين البنيتين المتناوبتين ويجعلهما متكاملتين.فأولاهما تترصد انخراط أفراد المجتمع، فرادى أوجماعات، في مشروعات وبرامج لمواكبة سياسة الانفتاح الاقتصادي،ولمسايرة إيقاع نمط العيش الاستهلاكي( توفير وادخار المال،وحب الملكية الفردية،واستبدال الأثاث والمعدات القديمة بأخرى جديدة وفاخرة)؛وثانيتهما تهم مسيرة الدولة المصرية لاجتثاث جذور الاشتراكية،وطمس رواسبها ومخلفاتها،والحيلولة دون تفاقم المشاكل الاجتماعية والأمنية،واستنبات قيم جديدة قوامها تشجيع المنافسة الحرة،والاستثمار،والإنتاج،والملكية الفردية.ونظرا لعدم نضج الشروط الموضوعية ، فإن الانفتاح الاقتصادي -رغم بعض إيجابياته المتمثلة في جلب المستثمر الخارجي،والعناية بالبنيات التحتية،والحد من التضخم- زرع بذور الليبرالية المتوحشة التي عمقت الفوراق الطبقية ،وأسهمت في استفحال الأمراض الاجتماعية،وما ترتبت عليها مظاهر الغش في تصنيع البضائع والأدوية...الخ.
ب-تشاكل الملكية:
يتكون هذا التشاكل من مسارات تصويرية تستقطب- اضطراريا على المستوى العمودي للرواية- معجميات متقاربة دلاليا أو متكررة بإسهاب،وبذلك تسهم في تمطيط وتوليد خطاب متجانس .تتشكل البنية الأولى من المسارات التصويرية التالية:
" لم تكن بدعة التمليك قد ظهرت بعد"ص/ص13/14.
"مازلنا نتحدث عن عصر لم يكن فيه امتلاك سيارة خاصة أسهل من الحصول على شقة" ص15.
"خلال ذلك كانت حكاية الجنيهات العشرين التي تتحول إلى خمسة آلاف جنيه قد طواها النسيان،وحل محلها الأمن الغذائي...حسب الشنقيطي التكلفة والربح بالقلم والورقة،وبدأ يقوم هو وسميحة بزيارات ليلية سرية لذات التي تحمست للمشروع الجديد،وتطوعت لمسئولية المخللات" ص67.
وتتكون البنية الثانية من المسارات التصويرية التالية:
"مجموعة من كبار المسؤولين السابقين والحاليين، يستولون على أراضي البحيرات بأسعار زهيدة رغم أنها مملوكة للدولة وممنوع بيعها قانونا وبها منطقة عسكرية" ص112.
" سمو الأمير الفاسي:" ننوي استثمار أموالنا في مصر.والمال متوفر والحمد لله.وهذا بخلاف ما كان يحدث في الماضي حين كنا نخشى استثمار رؤوس أموالنا في مصر خشية التأميم والمصادرة.لذلك كنا نعمل في تلك الفترة بالولايات المتحدة وأوروبا فقط"ص138.
" مجموعة السعد للاستثمار.جناح نوم بالحمام+ غرفتا نوم يتوسطهما حمام ثان+معيشة وصالون وطعام ومطبخ وحمام ثالث وشرفة تطل على الأهرامات في مدينة السعد السكنية.لا تفكر كثيرا فالفرصة أمامك.وهاهي نظرية السعد للاستثمار في أبسط صورها:إذا كنت تساهم في إحدى شركاتنا بمبلغ 60.000 جنيه مثلا، ادفع فقط6500 جنيه مقدم واستلم فورا شقة فاخرة..."ص257.
فجميع هذه المسارات التصويرية وغيرها تندغم في تشاكل/ الملكية/ الذي يستقطب قسراً معجميات متعالقة فيما بينها دلاليا( سيارة،وشقة،والمال، والربح،والاستثمار،والشركة، المشروع...) لكونها تنسل مقومات سياقية متجانسة ضامنة لقراءة موحدة للنص ومسهمة في تمطيطه وتوليده ، على نحو[+الفردانية]،و[+جمع المال]،و[+الاحتيال]،و[+الطلب]،و[+العرض]. وهي كما يتضح مصانف فرضتها مرحلة الانفتاح الاقتصادي التي حفزت المواطنين على تبني برامج خاصة للتكيف مع التحولات الجديدة( البحث بشتى الطرق عن القنوات المفضية إلى قيم التبادل)،ودفعت الفاعلين الاجتماعيين والمنعشين العقاريين إلى استثمار أموالهم بمصر والمساهمة في ازدهارها و إرساء دعائم بنياتها التحتية. وهو ما أسهم ، عكس ذلك ، في تفاقم مظاهر الفساد ( على نحو التحايل على القانون،واللهث وراء المال،والمضاربات العقارية).وهكذا يتبين أن تجليات تشاكل /الملكية/ تنصهر في بوتقة التشاكل العام الذي يعتبر مدار الرواية برمتها،وهو المتعلق بمسيرة الهدم والبناء.
ج-تشاكل الصحوة:
يتشخص هذا التشاكل من خلال مسارات تصويرية تتكون من معجميات مترابطة في علاقات التكرار والتقارب والترادف. وتتوزع هذه المسارات عبر البنيتين السرديتين:
فعلى صعيد البنية الأولى، نجدها مشخصة على النحو التالي:
" ...هداية عبد المجيد الذي قاطع الخمر( وأفرغ نصف زجاجة كان يحتفظ بها للمناسبات في المرحاض) وانتظم في الصلاة كما انتظم في شراء مؤلفات الشيخ الشعراوي،وفي عدم قراءتها"ص157.
" أعلن عبدالمجيد فجأة من مرقده بلهجته الحاسمة:"لازم تتحجبي" ص177
" ففي أحد الأيام ، أحضرت أم عاطف معها شريطا من التراتيل الدينية، التمست تشغيله في مسجلة دعاء.لم تجد ذات ما يضير،فهي رغم تحجبها لم تكن من المتعصبين الذين يحرمون التعامل مع العدو التاريخي"ص330.
وهي مشخصة في البنية الثانية كما يلي:
"الشيخ الشعراوي: المرأة يجب أن تكون محجبة حتى لايشك الرجل في بنوة أبنائه منها" ص47.
" فضيلة شيخ الأزهر:لا يجوز أن يرى من المرأة المسلمة إلا وجهها وكفيها"ص107.
"فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي: تجربة المصارف الإسلامية تستحق التنويه والتشجيع والتأييد"ص190.
تتقارب المعجميات الواردة في هذه المسارات دلاليا بحكم اتفاقها في مصانف[+الاستقامة]،و[+الاحتجاب]،و[+التوبة]،و[+التكافل]، و[+الإيمان]،و[+الهداية].وبتراكم هذه المصانف، يتشيد تشاكل /الصحوة/ الذي حفز القوى الفاعلة على التوبة إلى الدين الإسلامي(القيام بالصلاة،ومقاطعة الخمر،وتبرقع المرأة)،ودفع الفواعل الجمعية الإسلامية (التنظيمات الإسلامية) إلى البحث عن أساليب وقنوات جديدة لهداية البشر وتعزيز أشكال التضامن الاجتماعي.وتعاظمت موجة الصحوة الإسلامية نتيجة عدم تلبية الاشتراكية الناصرية مطالب الجماهير العريضة وتوقعاتها ،ونتيجة تعمق الفوارق الاجتماعية من جراء نهج سياسة الخصخصة واقتصاد السوق.
5-الاتساق:
إن النص الأول لايطرح مصاعب على مستوى معاينة اتساق وانسجام مقاطعه السردية،لأنه يحافظ-رغم تناوبه مع النص الثاني- على تجانسه وتماسكه بمختلف المحيلات والمنسقات اللغوية والنحوية والمعجمية والدلالية.أما النص الثاني فيبدو ظاهريا غير متجانس، بحكم تكونه من نصوص هي عبارة عن جذاذات وقصاصات إخبارية متباينة في شكلها ومضمونها قام الكاتب بجمعها وإعادة توزيعها وتنظيمها. ومايدل على أنه كان يحرص على تناسقها وتآلفها،هو ورود قصاصات متتالية تحيل إلى المرجع المشترك نفسه ،وتشترك في إحالتها إلى المقام نفسهContext of situation ،وتدور أحيانا حول موضوع محدد(على نحو الفصل الرابع عشر الذي يتمحور حول فساد المواد الغذائية).خضعت هذه القصاصات لترتيب حر،وهو الذي يكون "في حالة ما إذا كان التعبير متكافئا دلاليا وتداوليا مع التعبير الذي يمس الجمل والأقوال"(65).ما يهمنا بالدرجة الأولى هو بيان كيف يتسق النص الأول مع النص الثاني.وهنا تزداد المصاعب تعقدا لأن كل نص قد يبدو مستقلا عن آخر، ويوهم بأنه لا تربطه أية صلة به.لكن سرعان ما تتبدد هذه المصاعب، لما يُعتمد على أدوات لسانية خطابية تبين" أن النص يتوفر على النصيةTexture ، وهذا ما يميزه عما ليس نصا...وأن النصية مشروطة بعلائق الاتساق"(66).والمقصود بهذه العلائق مجموعة من الوسائل اللغوية التي تضمن اتساق النص،وتجعله وحدة دلالية متراصة ومتماسكة،ونذكر من بينها الإحالة الداخلية (أوالنصية) والإحالة الخارجية(أو المقامية) ،والإحالة على المرجع المشترك ،والاستبدال ، والحذف،والعلائق المعجمية ،والجزء/الكل..الخ.وبعد فحص بنيتي النصين المتناوبين، تبين أن علاقتهما الاتساقية ترتكزعلى أدوات كثيرة نذكر من بينها ما يلي:
أ-العلائق المعجمية:
نجد في كلا النصين تكرير معجميات تترابط فيما بينها في تشاكلات دلالية(أنظرإلى4-التشاكل)،وتكرير أخرى لتعزيز الاتساق والانسجام بين النصين.ومن ضروب التكرار اللافتة للنظر،إعادة أسماء أعلام الثلاثي الرئاسي ( جمال عبد الناصر،وأنوار السادات،وحسني مبارك) الذي تعاقب على حكم مصر.وهكذا، نعاين ،من باب التمثيل،أن اسم أنوار السادات يتكرر في كلا النصين على النحو التالي:



 


 


 















النص الأول



النص الثاني



أ-فعندما مات جمال عبد الناصر،وأصبح السادات رئيسا للجمهورية ص22.


ب-لكن أنوار السادات واصل زياراته الليلية ص69.



ج-إضافة أنوار السادات إلى النص التذكاري ص29.


د- هل كان أنوار السادات حسن النية في داخله ص31.


هـ- جيهان السادات زوجة رئيس الجمهورية السابق ص149.






                (جدول رقم10:الاتساق على مستوى العلائق المعحمية)
نجد في مختلف هذه الأمثلة الإحالة إلى المرجع المشترك(أنوار السادات)،فقد تمت الإحالة إليه بالشكل المتكرر أي باسمه العائلي والشخصي أنوار السادات السادات(ب وج ود)،وبجزء من الشكل المتكر أي فقط باسمه العائلي السادات (أوهـ)،وبالمهنة التي اضطلع بها خلال فترة معينة رئيس (أوهـ ).وهو يعمل على ضمان العلاقة الاتساقية بين النصين، ويستجمع مختلف الأحداث التاريخية والاجتماعية والسياسية التي وقعت في فترة حكمه.وإن وردت هذه الأحداث متفرقة في كلا النصين،فإن القارئ يعيد تحيينها وتنظيمها مستعينا بخلفياته المعرفية ،وبخاصة ما تختزنه ذاكرته من معلومات عن مصر.
ب-الإحالة الخارجية:
إذا كانت الإحالة الداخلية تهم ترابط اللاحق بالسابق داخل النص، فإن الإحالة الخارجية تعمل على ربط النص بالمقام.وتستند هي الأخرى إلى أسماء الإشارة،لكن السياق هو الذي سيحدد ما إذا كان المحال إليه داخليا أو خارجيا.وما يمكن مراعاته في معظم الدراسات التي اهتمت بالإحالة، أنها اهتمت بشكل كبير بالإحالة الداخلية وبنوعيها القبلي والبعدي،ولم تخض في تفصيل الإحالة الخارجية.ونستثني منها دراسة جيرار فنييG.Vigner التي حاولت أن تبين دورها في إدماج النص داخل فضاء ثقافي حتى يستوعب على الوجه المطلوب،و تحديد مظهره المرجعي المحض ،وربطه بظرفية معينة(67).وفي هذا النطاق، نلاحظ أن النصين يتقاطعان في الإحالة إلى الظرفية التاريخية(بعض الأحداث التاريخية التي عرفتها مصر على وجه الخصوص خلال تعاقب الثلاثي الرئاسي على تدبير الشأن العام ) والاجتماعية(التركيز على تأثير سياسة الانفتاح على الحياة الاجتماعية) والسياسية(تخلي مصر عن التوجه الاشتراكي الناصري،وتعزيز علاقاتها السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية).
ج-علاقة الجزأ بالكل:
تعتبر معطيات النص الأول جزءاً لا يتجزأ من بنية أوسع واشمل وهي المتعلقة بالتحولات الكبرى التي عرفها المجتمع المصري خلال ثلاثة عقود من الزمن،والتي حاولت البنية الثانية أن تستوعب أهمها وأكثرها اتصالا بمدار الرواية( مسيرة الهدم والبناء)،وضمانا لاتساق وانسجام مقاطعها ومستوياتها الحكائية.تجري أحداث البنية الأولى في فضائي القاهرة والإسكندرية،أما أحداث البنية الثانية فتدور على وجه الخصوص بفضاء مصر.وهكذا يتبين أن البنية الأولى جزء من الثانية،وأن القارئ مدعو إلى تضمين الأولى في الثانية لربط مصائر الشخوص بمصير المجتمع المصري،وفهم ما خلفته الظرفية السياسية من تأثير على إيقاع حياتهم اليومية ونمط عيشهم ورؤيتهم للعالم.وعندما ندمج البنيتن، يمكن أن نخرج بعدة أصناف لعلائق العضوية ، على نحو علائق الانتماء الوطني(مصريون نفيض غير المصريين)،والاجتماعي(المستفيدون من مسيرة الهدم والبناء نقيض غير المستفيدين منها)،والقومي(العرب نقيض العُجم)،وعلى نحو كذلك علائق التراتبية الاجتماعية(رئيس الجمهورية،الوزير الأول، الوزراء، المدراء العامون، أرباب العمل، الموظفون، العمال، العاطلون...).



***************************
الهوامش:
1-صلاح فضل،"ذات...لصنع الله إبراهيم" ،أساليب السرد في الرواية العربية،ط1، دارسعاد الصباح، 1992،ص/ص212/217.
2-نشرت متسلسلة عبر حلقات في شهري مارس وأبريل 1992.
محمد مفتاح،التشابه والاختلاف نحومنهاجية شمولية،المركز الثقافي العربي،ط1،1992.
3-Thomas P.Weissert " Representation and Bifurcation:Borges's Garden of Chaos Dynamics " in Chaos and Order Complex Dynamics in Literature of Science ,Univesity of Chigago ,1991 ,P224.
5-سالم يفوت ، مفهوم الواقع في الفكر العلمي المعاصر مظاهر النزعة الاختبارية لدى الوضعيين الجدد وشتروس، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس،الأطروحات والرسائل7،1980،ص117.
6- المرجع نفسه ص94.
7-Maingueneau(D), Analyse du Discours, Introduction aux lectures de l'archive ,Hachette , 1991,P 210.
8-Daniel Durant ,La Systèmique ,Que sais-je,PUF,1979,P10.
9-Ibid P9
10-محمد مفتاح، التشابه والاختلاف،م.سا ص48.
11-Joël de Rosnay ,Le macroscope Vers une version globale, Seuil ,1975,P10.
12-Pierre Kaufman ,Interaction ,Encyclopaedia Universalis ,France ,1995.
13-Gérard Genette "le titre" ,in Seuil , éd Seuil ,coll .Poétique,1987,P62.
14-رولان برث،" تحليل نصي لحكاية :القول الفصل في حالةالسيد فالديمار"، لإدكارألان بو"، ترجمة محمد البكري،فضاءات مستقبلية،العدد2/3،1996،ص16.
15-Gérard Genette , "le titre", op.cit P72.
16-Jean Ricardou ,Nouveau problémes du roman , Seuil ,1977,P196.
17-محمد مفتاح، دينامية النص[تنظير وممارسة]،المركز الثقافي العربي، ط1،1987، ص14.
18-Jean Petito-Cocorda ,Morphogenéses du sens I Pour un shématisme de la structure ,PUF ,1985,P88.
19-العلامة ابن منظور،لسان العرب،أعاد بناءه على الحرف الأول من الكلمة يوسف خياط ، دار الجبل، دار لسان العرب، بيروت،1988، مادة ذا ص/ص 1049/1050.
20-J.Petito-Cocorda , Op.cit P88.
21-Ibid P6.
22-Roland Barthes ,La chambre claire Notes sur la photographie, Cahier du Cinéma Gallimard Seuil ,1979 ,P 49
توجد كلمة لاثنية تعين الندبة أو الأمارة أو الجرح الذي أحدثته آلة مدببة وحادة،وهي كلمةPunctum .فهي تعني ما ينطلق من المشهد ليخترق ويطعن المشاهد.ويعرف بارث هذا العنصر بأنه" الندبة،والثقب الصغير،واللطخة الصغيرة،وجرح طفيف،وهو أيضا رمية النرد".
23-Roland Barthes " la réthorique de l'image ", Poétique 4,1964 ,P 43.
24-D.Maingueneau ,Analyse du Discours , Op.cit 210.
25-Jean -Yves Tadié ,Le récit poétique ,PUF ,1978 ,P5
26-Ibid P6.
27- جان ماري شايفر،ماهو الجنس الأدبي؟ترجمة عزيز لمثاوي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، تحت إشراف حسن بحراوي وسعيد بنكراد، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، 1996،ص/ص134/135.
28- جيرار جنيت، مدخل لجامع النص،ترجمة عبد الرحمان أيوب، دار توبقال، 1985،ص55.
29- جان ماري شايفر،ماهو الجنس الآدبي؟ م.سا ص138.
30- المرجع نفسه ص128.
31-Jean-Marie Schaeffer " Du texte au genre ", in Théorie des genres,Seuil ,1986 ,P183.
32-جان ماري شايفر،ماهو الجنس الأدبي؟ م,سا ص/ص136/137
33- المرجع نفسه ص138.
34- المرجع نفسه ص128.
35-D.Maingueneau ,Analyse du Discours , Op.cit P213.
36- D.Mainguneau ,Eléments de linguistique pour le texte littéraire, Bordas ,Paris , 1990,P134.
37-Ibid P137.
38-Jean Michel Adam ,Le texte narratif Précis d'analyse textuelle ,Nathan ,1985,P58.
39- جورج لوكاش،نظرية الرواية،ترجمة الحسين سحبان، منشورات التل ،ط1،1988 ،ص75.
40- المرجع نفسه ص66.
41- المرجع نفسه ص43.
42- المرجع نفسه ص79.
43- المرجع نفسه ص 25.
44- المرجع نفسه ص/ص65/66.
45- المرجع نفسه ص77.
46- ميخائيل باختين،الخطاب الروائي،ترجمة محمد برادة، دار الأمان، ط2،1987،ص33.
47- المرجع مفسه ص33.
48- المرجع نفسه ص113.
49- المرجع نفسه ص92.
50- المرجع نفسه ص49.
51-Tzvetan Todorov " les catégories du récit littéraire ",communication 8 1966,P44.
52-Thomas P. Weissert "Representation and Bifurcation Borges's Garden of Chaos Dynamics",op.cit P234.
53-محمد مفتاح،دينامية النص، ص14.
54-J.Rosnay ,le macroscope ,op.cit PP128/129.
55- Georges Marie "Des figures aux structures .Un passage mal frayé ",Poétique ,51 ,1982 ,P262.
56-Ibidem P262.
57-A.J Greimas &J. Courtés Sémiotique Dictionnaire raisonné de la théorie du language ,Hachette ,1979 ,P197.
58-U.Eco Lector in Fabula le role du lecteur ,le livre du poche ,Grasset/ Fasquelle , traduit de l'italien par Myriem Bouzher ,1985 ,P117.
59-F.Rastier, Sémiotique intérprétative ,PUF ,1987,P92.
60- محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري( استراتجية التناص)،المركز الثقافي العربي، ط2، 1987،ص25.
61-U.Eco Lector in Fabula ,Op.Cit P128.
62-Ibidem P115.
63-Ibidem P116.
64-A.J Greimas & J.Courtés Sémiotique Dictionnaire ..op.cit P146.
65-T.A.Vandijk ,Text and Context ,Longman ,1977a,P106.
66-Gillian Brown & George Yule ,Discourse Analysis ,Cambridge University Press ,1986 ,P191.
67-G.Vigner ,Lire du texte au sens ,clé International ,1979 ,P71.



 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 



     

Powered by: Arab Portal v2.2, Copyright© 2009